بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين..
إن أهم مشكلة تعيشها الأمة في وقتنا الراهن وهي تريد أن تنفض عن نفسها ركام التخلف، هي أنها لا تملك الطاقة الحركية التي تدفعها لبناء واقعها وهذه الطاقة هي الحرية والقدرة على الاختيار والتفكير والتغيير والإبداع؛ لأنها أسيرة الاستبداد الذي صنع حواجز نفسية وفكرية وتاريخية عميقة تمنعها عن الحركة الإيجابية. فالاستبداد بمختلف ألوانه وأشكاله هو ضد حركة الإنسان والحضارة لأنه نقيض الحرية ويسلب القدرة على اختيار البدائل المتعددة ويمنع من التفكير واستخدام العقل وبالتالي يحرم الإنسان من الحياة.
القرآن الكريم يعطينا زخماً إرشادياً واسعاً لعملية النهضة والتخلف، ويمكن أن نستنتج من الآيات القرآنية في هذا المورد ثلاث ملاحظات:
1- إن العبودية المطلقة هي لله وحده.
2- إن الحرية هي أساس وجود الإنسان وحركة المجتمع.
3- إن مواجهة الاستبداد هي من أولويات التكليف الإنساني من أجل تحقيق العبودية لله فقط.
من هنا فإن جوهر حركة الأنبياء وبعثتهم يتمثل في هداية البشر نحو الحرية ورفع أغلال الاستبداد عنهم، يقول تعالى: (ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي عليهم).
فالقرآن الكريم في معظم خطابه هو حوار مستمر بين الأنبياء والطغاة من جهة وبين الأنبياء والمجتمعات من جهة أخرى، لأن الوقوع في براثن الاستبداد عملية مشتركة بين فاعلية الحاكم المستبد وبين تقبل المجتمع للاستبداد، (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ) (الزخرف52)، ونلاحظ أن الأنبياء كانوا في مواجهة مستمرة مع مستبدين وطغاة ينشرون الفساد والخراب في مجتمعاتهم. يقول تعالى في خطابه إلى موسى (ع): (اذْهَبْ إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى)، (اذْهَبَا إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) (طه43).
فالاستبداد - كما نستنتج ذلك من القرآن - هو مبعث الشرور في المجتمعات؛ لأنه يؤدي إلى الاستئثار والطغيان والاستكبار والظلم، وبدرجة أولى يقمع الحرية ويمنع العقل من التفكير ويشل الاختيار، يقول تعالى: (وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِّنَ الْمُسْرِفينَ) (الدخان31)، (فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ) (يونس83)، (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الأرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (القصص4)، ونلاحظ أن القرآن يربط بين الاستبداد مع الفساد والإسراف، فيقول تعالى: (وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ) (الفجر12)، (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ) (البقرة205).
* جذور الاستبداد وأسباب نشوءه
تتعدد أسباب نشوء الاستبداد باختلاف الظروف والعوامل، ولكن القاسم المشترك هو عوامل معنوية تنبع من ذات الإنسان الذي يشكل عبر مجموعة الأفراد والمجتمع الأرضية القابلة لتحقق الاستبداد فيه، ذلك أن الاستبداد كالنبتة الخبيثة التي تنبت في التربة السيئة ولاتنبت في التربة الصالحة. ويرى روبرت ماكيفر في كتابه (تكوين الدولة) أن: الدكتاتوريات تزدهر في أوقات الأزمات التي يتهافت فيها النظام القائم وتتهالك التقاليد وتستفحل المنازعات فيمتلك اليأس النفوس ويرضى الناس بالرجل القوي مضحين بالكثير لأنه يعدهم بعودة الثقة والأمن ويتنازلون عن معايير الشرعية التي لا يتنازلون عنها في أوقات أخرى ويتغاضون عن التناقض بين الدكتاتورية والشرعية.
فالنفس البشرية على الأعم الأغلب عندما يتملكها عدم الثقة بالنفس وفقدان الشعور بالاستقلالية الذاتية وسيطرة التبعية، تبحث عن شخص تجد فيه عوامل القوة التي تفتقدها لتصنّمه وتمجده وتحوله إلى معبود بشري، إن لم يتحول إلى معبود يدعي الربوبية كفرعون وغيره. يقول الكواكبي في كتابه (طبائع الاستبداد): يجد العوام معبودهم وجبارهم مشتركين في الكثير من الحالات والأسماء والصفات وهم ليس من شأنهم أن يفرقوا مثلا بين الفعال المطلق والحاكم بأمره وبين من لا يسأل عما يفعل وغير المسؤول وبين المنعم وولي النعم.
ألم يقل ذلك الشاعر في مدح الحاكم الطاغية:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكــم فأنت الواحد القهار
ويرى موريس ديفرجيه أن الدكتاتورية وليدة لأزمات يتعرض لها البنيان الاجتماعي وأنها نموذج يعكس الوضع الاجتماعي لأن الجذور والأصول العميقة هي التي أنجبتها.
إن التربية العائلية والاجتماعية تساهم بشكل كبير في نشوء الاستبداد لان الاستبداد سلوك يتعلمه الإنسان من خلال ما يكتسبه من قيم وتقاليد خلال فترات حياته، فعندما يكون الجو العائلي مشحونا بالتسلط والقهر والأحادية فإن هذا ينعكس على الأبناء بشكل سلوك عام تظهر كوامنه وآثاره على اتجاهين؛ اتجاه الفاعلية حيث يكون الاستبداد السلوك الأولي الذي ينتهجه الفرد في تعامله مع الآخرين، واتجاه القابلية حيث يكون الفرد جاهزا لقبول الاستبداد بكل أنواعه والتعاون معه. يقول أرسطو: إن الرجل الحر لا يستطيع أن يتحمل حكم الطاغية ولهذا فان الرجل اليوناني لا يطيق الطغيان بل ينفر منه، أما الرجل الشرقي فإنه يجده أمرا طبيعيا فهو نفسه طاغية في بيته يعامل زوجته معاملة العبيد ولهذا لا يدهشه أن يعامله الحاكم هو نفسه معاملة العبيد.
يقول الله تعالى: (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون. ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون) (البقرة170).
* الاستبداد السياسي والقدرية المسيسة
إن أهم دواعي الاستبداد السياسي هو القضاء على الحرية بل إنهما نقيضان لا يلتقيان ولا يجتمعان، والحرية هي الانعكاس العملي للقدرة الفكرية والعقلية على الاختيار والإرادة، لذلك حاول المستبدون أن يوجدوا منطقا هزيلا يغرر بالجهلاء وأنصاف المتعلمين عبر تسييس العقيدة ونفي حرية الإرادة والاختيار، وإن الإنسان مجبور وغير مخير، وإن الخالق هو الذي يجبر الناس على الفعل خيرا كان أم شرا؛ وذلك لتبرير شيئين: إن الناس مجبورون على الخضوع للمستبد والظالم مهما طغت وطفحت شروره، فليس من حقهم المعارضة والنقد لأن الخالق هو الذي نصبه عليهم، والشيء الثاني أن الحاكم غير مسؤول عن أعماله الجائرة واستبداده المطلق وإسرافه في الدماء والأعراض لأنه مجبور على أعماله وغير مسؤول عنها. وقد حاولت الحكومات المستبدة على طول التاريخ نشر هذا المفهوم عبر وعاظها لفرض سيطرتها المطلقة وسلب الحريات. وكان الأمويون من الذين سبقوا الآخرين لإيجاد مذاهب تدعو إلى هذا الأمر، فأسسوا الجبرية والمرجئة و... يقول معاوية: لو لم يرني ربي أهلا لهذا الأمر ما تركني وإياه ولوكره الله ما نحن فيه لغيره وأنا خازن من خزان الله تعالى أعطي ما أعطى الله وأمنع ما منعه ولو كره الله أمراً لغيره.
إن الأمر الأخطر من التبرير العقائدي والشرعي للاستبداد هو سيطرة القدرية والجبرية على حياة الناس كنظام ثقافي واجتماعي يتحكم بسلوكهم ويقود نحو الرضى المطلق بالعبودية والتبعية والظلم، وهذا هو الذي يوجد الأرضية القوية لسيطرة الاستبداد، وليست قوة المستبدين نفسها. يقول تعالى في كتابه الكريم: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي).
إن المستبد يجعل من نفسه وصياً على الناس يحجر على حرياتهم وأفكارهم وطاقاتهم بدعوى أنهم غير قادرين على الاستفادة الجيدة من حريتهم لذا يتصرف عنهم بشكل مطلق، فهو يعتبر نفسه أبا للمواطنين ويعاملهم معاملة أطفاله على أنهم قصّر غير بالغين وغير قادرين على أن يحكموا أنفسهم. ومن هنا كان من حقه عقابهم إذا انحرفوا لأنهم لا يعرفون مصلحتهم الحقيقية.
* من هو المستبد..؟
لاشك أن معرفة المستبد وصفاته النفسية والأخلاقية تكشف لنا عن ماهية النظام الاستبدادي الحاكم وبالتالي تأثيراته على المجتمع وما يفرضه مــن تموجات تخترق البنية الاجتماعية وتحطم أسسه وخصائصــه الاستقرارية، لأن المستبد يحتكر كل القنوات الفكرية والإعلامية والتوجيهية فيحاول أن يمسخ الآخرين ويجعلهم على شاكلته، ولذلك قيل (الناس على دين ملوكهم). يحلل الباحث موريس ديفرجيه نمط الشخصية الاستبدادية وصفاتها وأسباب نشوء الاستبداد فيها بقوله: إن المستبدين يتصفون بكونهم أفراد غير واثقين من أنفسهم ولم يستطيعوا يوما أن يكوّنوا شخصيتهم الخاصة بهم وأن يحققوا لها الاستقرار، أفراد يشكّون في ذواتهم وهويتهم فإذا هم يتشبثون بالأطر الخارجية لأنهم لا يملكون ما يدافعون به عن أنفسهم، فهم عندما يدافعون عن النظام الاجتماعي إنما يدافعون عن أنفسهم وعن توازنهم النفسي، وعن هذا ينشأ العدوان فيهم وتصدر كراهيتهم للمعارضين وحقدهم على الآخرين المختلفين ، حتى إذا أصبح النظام الاجتماعي ذلك النظام الذي رسموه حسب أهوائهم زاد عدوانهم وهكذا يظهر أوهن الناس نفساً بأقوى مظهر خارجي، لذلك فإن الأحزاب القائمة على القوة هي أحزاب تتألف من أناس ضعاف.
إن الميل إلى الاستبداد هو في بعض الأحيان تعويض عن إخفاق أصاب الفرد، والمرء ينتقم من الآخرين لأنهم لا يحبونه أو لأنهم يستخفون به أو لأنهم يعدونه دونهم قدراً، والضعاف والحمقى والخائبون يحاولون أن يؤكدوا ذواتهم بإذلال من هم أعلى منهم بالسعي إلى إنزالهم إلى ما دون مستواهم.
لذلك فإن الاستبداد يستخدم القمع والإرهاب عندما يفشل في تحقيق سياسته وخططه، بل هو مستعد لأن يشن الحروب ويضحي بالملايين من اجل ان يحس بالاطمئنان ومع ذلك يبقى قلقا وخائفا ومرعوبا، لان النفس المستبدة فقيرة وهزيلة يستبد بها الرعب وتعاني وتنظر إلى باطنها فتجدها خاوية فتمتد إلى خارجها لتقتني ما يسد لها هذا الخواء، تتصيد أناسا آخرين لتخضعهم لسلطانها لأن مصدر طغيان المستبد هو فقر نفسه، فالمكتفي بنفسه لا يطغى ومن يشعر بثقة واطمئنان ليس في حاجة إلى دعم من سواه.
إن الخطر ليس في المستبد بحد ذاته بل في تصديره لصفاته كنظام اجتماعي وثقافي وأخلاقي يتحكم بالناس خصوصاً عندما يستخدم الرعب والقمع والانغلاق لحجر العقول والأفكار والإبداع في جوٍ من اليأس والخوف والقلق. وبهذا فان النظام الاستبدادي يستنسخ نفسه عبر انعكاس صفاته وخصائصه على الناس. فالأفراد الذي لم يسمعوا ولم يروا ولم يقرأوا إلا عن المستبد وشخصيته العظيمة يتخرجون من مدرسته وهم يحملون صفاته وشعارهم الأول القضاء على المبدعين والمفكرين والأحرار لأنهم يكشفون عن مدى خوائهم وضعفهم فالأشياء بأضدادها تعرف، ولهذا قتل الحكام المستبدون في الدولة الأموية والعباسية أهل البيت عليهم السلام وسجنوهم وشردوهم .
* آثار الاستبداد
أولا: مسخ هوية الإنسان ووجوده:
فالاستبداد يستهدف مسخ هوية الإنسان والقضاء على وجوده المعنوي لأنه نقيض للحرية، والحرية هي هوية الإنسان وحقيقة خلقه وفلسفة امتحانه وابتلائه. فالمستبد يهدف إلى تحويل رعيته إلى قطيع من الأغنام لا دور لهم أذلاء، بحيث يهدم إنسانية الإنسان ويقضي على احترامه وتقديره الذاتي. ترى حنة ارندت: ان الحركات الاستبدادية تضم إليها أفرادا معزولين ومبعثرين وتتميز بأنها تشترط الولاء المطلق واللامحدود وغير المتبدل للفرد إزاء حركته، إن ولاء كهذا لا يمكن توقعه إلا من كائن بشري معزول بالكامل كائن مجرد من روابطه الاجتماعية التي تصله بعائلته وأصدقائه فرد لا يستشعر نفعه إلا من خلال انتمائه إلى الحركة الاستبدادية، أي تفريغ الإنسان من كل محتوى إنساني حي بحيث يفقد استقلاله ووجوده لصالح الانتماء إلى النظام الاستبدادي. فالاستبداد يعزل الإنسان عن وجوده الخاص ووجودات الآخرين ويضعه في صحراء مقفرة شاعراً بالتقفر الذي يعني هنا الوحشة التي يستشعرها الإنسان الذي اقتلعه النظام الاستبدادي وحرمه من مجال وجوده وحركته وفعله. فالاستبداد يمارس على الناس سلطة العبيد وينحى إلى تدمير مجال الحياة العامة عازلا إياهم عن أي نشاط بل ويقضي على الحياة الخاصة على أساس التقفر والعزلة التامة وعدم الانتماء الأقصى والمطلق إلى العالم، ولاشك فإن هذا أشد اختبارات الإنسان؛ إذ يعني من جملة ما يعني اقتلاعه جذرياً. وأن يكون المرء مقتلعا يعني ألا يكون لديه مكان في العالم مكان يقر له الجميع به ويضمنونه، وهذا يقود نحو إحساسه بعدم جدواه وانه لم يعد يمت لهذا العالم بأي صلة انتماء، وهذا هو الاقتلاع الوجودي للإنسان في ظل الاستبداد.. فالوجود في النظام الاستبدادي هو وجود المستبد فقط والآخرون هم وجودات هامشية لاتملك حق التفكير والمناقشة.
ثانيا: تدمير الأخلاق والفضيلة:
وإذا مسخ الإنسان وجرد من هويته فانه يتجرد من كل شيء ويفقد تلك الأخلاقيات التي تميزه كإنسان فاضل كريم، وهذا ما يهدف إليه الاستبداد؛ أي تجريد الناس من الأخلاق لاستغلال ضعف النفوس لصالح تقوية أركانه ونظامه. ولهذا يجتذب النظام الاستبدادي الأفراد الذين تنعدم فيهم الأخلاقيات الاجتماعية، فالاستبداد يقود حملات تطهير ضد كل روابط الفرد الاجتماعية والعائلية بأن يخلق من الناس مجموعة وشاة ومنافقين حيث يحاول كل فرد أن يجمع الأدلة ضد الآخرين لتقريب نفسه إلى السلطة وأنه جدير بالثقة بحيث يصبح تقدير الفرد بعدد الوشايات عن رفاق أقربين له. وما أن يقتل الشخص الأخلاقي حتى يتحول الناس إلى جثث حية فلا يبقى من البشر شيء سوى دمى مريعة ذات أوجه بشرية.
إن الاستبداد يساعد كثيراً على نمو الرذائل وقتل الفضائل لأنه يرفض الرأي الآخر والنصيحة والنقد ويقرب المتملقين والمنافقين مما يساعد على نمو هذه الرذائل باعتبارها وسيلة إلى الأمن والقرب من السلطات، ألم يقل عبد الملك بن مروان: والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين..
إن أهم مشكلة تعيشها الأمة في وقتنا الراهن وهي تريد أن تنفض عن نفسها ركام التخلف، هي أنها لا تملك الطاقة الحركية التي تدفعها لبناء واقعها وهذه الطاقة هي الحرية والقدرة على الاختيار والتفكير والتغيير والإبداع؛ لأنها أسيرة الاستبداد الذي صنع حواجز نفسية وفكرية وتاريخية عميقة تمنعها عن الحركة الإيجابية. فالاستبداد بمختلف ألوانه وأشكاله هو ضد حركة الإنسان والحضارة لأنه نقيض الحرية ويسلب القدرة على اختيار البدائل المتعددة ويمنع من التفكير واستخدام العقل وبالتالي يحرم الإنسان من الحياة.
القرآن الكريم يعطينا زخماً إرشادياً واسعاً لعملية النهضة والتخلف، ويمكن أن نستنتج من الآيات القرآنية في هذا المورد ثلاث ملاحظات:
1- إن العبودية المطلقة هي لله وحده.
2- إن الحرية هي أساس وجود الإنسان وحركة المجتمع.
3- إن مواجهة الاستبداد هي من أولويات التكليف الإنساني من أجل تحقيق العبودية لله فقط.
من هنا فإن جوهر حركة الأنبياء وبعثتهم يتمثل في هداية البشر نحو الحرية ورفع أغلال الاستبداد عنهم، يقول تعالى: (ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي عليهم).
فالقرآن الكريم في معظم خطابه هو حوار مستمر بين الأنبياء والطغاة من جهة وبين الأنبياء والمجتمعات من جهة أخرى، لأن الوقوع في براثن الاستبداد عملية مشتركة بين فاعلية الحاكم المستبد وبين تقبل المجتمع للاستبداد، (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ) (الزخرف52)، ونلاحظ أن الأنبياء كانوا في مواجهة مستمرة مع مستبدين وطغاة ينشرون الفساد والخراب في مجتمعاتهم. يقول تعالى في خطابه إلى موسى (ع): (اذْهَبْ إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى)، (اذْهَبَا إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) (طه43).
فالاستبداد - كما نستنتج ذلك من القرآن - هو مبعث الشرور في المجتمعات؛ لأنه يؤدي إلى الاستئثار والطغيان والاستكبار والظلم، وبدرجة أولى يقمع الحرية ويمنع العقل من التفكير ويشل الاختيار، يقول تعالى: (وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِّنَ الْمُسْرِفينَ) (الدخان31)، (فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ) (يونس83)، (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الأرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (القصص4)، ونلاحظ أن القرآن يربط بين الاستبداد مع الفساد والإسراف، فيقول تعالى: (وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ) (الفجر12)، (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ) (البقرة205).
* جذور الاستبداد وأسباب نشوءه
تتعدد أسباب نشوء الاستبداد باختلاف الظروف والعوامل، ولكن القاسم المشترك هو عوامل معنوية تنبع من ذات الإنسان الذي يشكل عبر مجموعة الأفراد والمجتمع الأرضية القابلة لتحقق الاستبداد فيه، ذلك أن الاستبداد كالنبتة الخبيثة التي تنبت في التربة السيئة ولاتنبت في التربة الصالحة. ويرى روبرت ماكيفر في كتابه (تكوين الدولة) أن: الدكتاتوريات تزدهر في أوقات الأزمات التي يتهافت فيها النظام القائم وتتهالك التقاليد وتستفحل المنازعات فيمتلك اليأس النفوس ويرضى الناس بالرجل القوي مضحين بالكثير لأنه يعدهم بعودة الثقة والأمن ويتنازلون عن معايير الشرعية التي لا يتنازلون عنها في أوقات أخرى ويتغاضون عن التناقض بين الدكتاتورية والشرعية.
فالنفس البشرية على الأعم الأغلب عندما يتملكها عدم الثقة بالنفس وفقدان الشعور بالاستقلالية الذاتية وسيطرة التبعية، تبحث عن شخص تجد فيه عوامل القوة التي تفتقدها لتصنّمه وتمجده وتحوله إلى معبود بشري، إن لم يتحول إلى معبود يدعي الربوبية كفرعون وغيره. يقول الكواكبي في كتابه (طبائع الاستبداد): يجد العوام معبودهم وجبارهم مشتركين في الكثير من الحالات والأسماء والصفات وهم ليس من شأنهم أن يفرقوا مثلا بين الفعال المطلق والحاكم بأمره وبين من لا يسأل عما يفعل وغير المسؤول وبين المنعم وولي النعم.
ألم يقل ذلك الشاعر في مدح الحاكم الطاغية:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكــم فأنت الواحد القهار
ويرى موريس ديفرجيه أن الدكتاتورية وليدة لأزمات يتعرض لها البنيان الاجتماعي وأنها نموذج يعكس الوضع الاجتماعي لأن الجذور والأصول العميقة هي التي أنجبتها.
إن التربية العائلية والاجتماعية تساهم بشكل كبير في نشوء الاستبداد لان الاستبداد سلوك يتعلمه الإنسان من خلال ما يكتسبه من قيم وتقاليد خلال فترات حياته، فعندما يكون الجو العائلي مشحونا بالتسلط والقهر والأحادية فإن هذا ينعكس على الأبناء بشكل سلوك عام تظهر كوامنه وآثاره على اتجاهين؛ اتجاه الفاعلية حيث يكون الاستبداد السلوك الأولي الذي ينتهجه الفرد في تعامله مع الآخرين، واتجاه القابلية حيث يكون الفرد جاهزا لقبول الاستبداد بكل أنواعه والتعاون معه. يقول أرسطو: إن الرجل الحر لا يستطيع أن يتحمل حكم الطاغية ولهذا فان الرجل اليوناني لا يطيق الطغيان بل ينفر منه، أما الرجل الشرقي فإنه يجده أمرا طبيعيا فهو نفسه طاغية في بيته يعامل زوجته معاملة العبيد ولهذا لا يدهشه أن يعامله الحاكم هو نفسه معاملة العبيد.
يقول الله تعالى: (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون. ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون) (البقرة170).
* الاستبداد السياسي والقدرية المسيسة
إن أهم دواعي الاستبداد السياسي هو القضاء على الحرية بل إنهما نقيضان لا يلتقيان ولا يجتمعان، والحرية هي الانعكاس العملي للقدرة الفكرية والعقلية على الاختيار والإرادة، لذلك حاول المستبدون أن يوجدوا منطقا هزيلا يغرر بالجهلاء وأنصاف المتعلمين عبر تسييس العقيدة ونفي حرية الإرادة والاختيار، وإن الإنسان مجبور وغير مخير، وإن الخالق هو الذي يجبر الناس على الفعل خيرا كان أم شرا؛ وذلك لتبرير شيئين: إن الناس مجبورون على الخضوع للمستبد والظالم مهما طغت وطفحت شروره، فليس من حقهم المعارضة والنقد لأن الخالق هو الذي نصبه عليهم، والشيء الثاني أن الحاكم غير مسؤول عن أعماله الجائرة واستبداده المطلق وإسرافه في الدماء والأعراض لأنه مجبور على أعماله وغير مسؤول عنها. وقد حاولت الحكومات المستبدة على طول التاريخ نشر هذا المفهوم عبر وعاظها لفرض سيطرتها المطلقة وسلب الحريات. وكان الأمويون من الذين سبقوا الآخرين لإيجاد مذاهب تدعو إلى هذا الأمر، فأسسوا الجبرية والمرجئة و... يقول معاوية: لو لم يرني ربي أهلا لهذا الأمر ما تركني وإياه ولوكره الله ما نحن فيه لغيره وأنا خازن من خزان الله تعالى أعطي ما أعطى الله وأمنع ما منعه ولو كره الله أمراً لغيره.
إن الأمر الأخطر من التبرير العقائدي والشرعي للاستبداد هو سيطرة القدرية والجبرية على حياة الناس كنظام ثقافي واجتماعي يتحكم بسلوكهم ويقود نحو الرضى المطلق بالعبودية والتبعية والظلم، وهذا هو الذي يوجد الأرضية القوية لسيطرة الاستبداد، وليست قوة المستبدين نفسها. يقول تعالى في كتابه الكريم: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي).
إن المستبد يجعل من نفسه وصياً على الناس يحجر على حرياتهم وأفكارهم وطاقاتهم بدعوى أنهم غير قادرين على الاستفادة الجيدة من حريتهم لذا يتصرف عنهم بشكل مطلق، فهو يعتبر نفسه أبا للمواطنين ويعاملهم معاملة أطفاله على أنهم قصّر غير بالغين وغير قادرين على أن يحكموا أنفسهم. ومن هنا كان من حقه عقابهم إذا انحرفوا لأنهم لا يعرفون مصلحتهم الحقيقية.
* من هو المستبد..؟
لاشك أن معرفة المستبد وصفاته النفسية والأخلاقية تكشف لنا عن ماهية النظام الاستبدادي الحاكم وبالتالي تأثيراته على المجتمع وما يفرضه مــن تموجات تخترق البنية الاجتماعية وتحطم أسسه وخصائصــه الاستقرارية، لأن المستبد يحتكر كل القنوات الفكرية والإعلامية والتوجيهية فيحاول أن يمسخ الآخرين ويجعلهم على شاكلته، ولذلك قيل (الناس على دين ملوكهم). يحلل الباحث موريس ديفرجيه نمط الشخصية الاستبدادية وصفاتها وأسباب نشوء الاستبداد فيها بقوله: إن المستبدين يتصفون بكونهم أفراد غير واثقين من أنفسهم ولم يستطيعوا يوما أن يكوّنوا شخصيتهم الخاصة بهم وأن يحققوا لها الاستقرار، أفراد يشكّون في ذواتهم وهويتهم فإذا هم يتشبثون بالأطر الخارجية لأنهم لا يملكون ما يدافعون به عن أنفسهم، فهم عندما يدافعون عن النظام الاجتماعي إنما يدافعون عن أنفسهم وعن توازنهم النفسي، وعن هذا ينشأ العدوان فيهم وتصدر كراهيتهم للمعارضين وحقدهم على الآخرين المختلفين ، حتى إذا أصبح النظام الاجتماعي ذلك النظام الذي رسموه حسب أهوائهم زاد عدوانهم وهكذا يظهر أوهن الناس نفساً بأقوى مظهر خارجي، لذلك فإن الأحزاب القائمة على القوة هي أحزاب تتألف من أناس ضعاف.
إن الميل إلى الاستبداد هو في بعض الأحيان تعويض عن إخفاق أصاب الفرد، والمرء ينتقم من الآخرين لأنهم لا يحبونه أو لأنهم يستخفون به أو لأنهم يعدونه دونهم قدراً، والضعاف والحمقى والخائبون يحاولون أن يؤكدوا ذواتهم بإذلال من هم أعلى منهم بالسعي إلى إنزالهم إلى ما دون مستواهم.
لذلك فإن الاستبداد يستخدم القمع والإرهاب عندما يفشل في تحقيق سياسته وخططه، بل هو مستعد لأن يشن الحروب ويضحي بالملايين من اجل ان يحس بالاطمئنان ومع ذلك يبقى قلقا وخائفا ومرعوبا، لان النفس المستبدة فقيرة وهزيلة يستبد بها الرعب وتعاني وتنظر إلى باطنها فتجدها خاوية فتمتد إلى خارجها لتقتني ما يسد لها هذا الخواء، تتصيد أناسا آخرين لتخضعهم لسلطانها لأن مصدر طغيان المستبد هو فقر نفسه، فالمكتفي بنفسه لا يطغى ومن يشعر بثقة واطمئنان ليس في حاجة إلى دعم من سواه.
إن الخطر ليس في المستبد بحد ذاته بل في تصديره لصفاته كنظام اجتماعي وثقافي وأخلاقي يتحكم بالناس خصوصاً عندما يستخدم الرعب والقمع والانغلاق لحجر العقول والأفكار والإبداع في جوٍ من اليأس والخوف والقلق. وبهذا فان النظام الاستبدادي يستنسخ نفسه عبر انعكاس صفاته وخصائصه على الناس. فالأفراد الذي لم يسمعوا ولم يروا ولم يقرأوا إلا عن المستبد وشخصيته العظيمة يتخرجون من مدرسته وهم يحملون صفاته وشعارهم الأول القضاء على المبدعين والمفكرين والأحرار لأنهم يكشفون عن مدى خوائهم وضعفهم فالأشياء بأضدادها تعرف، ولهذا قتل الحكام المستبدون في الدولة الأموية والعباسية أهل البيت عليهم السلام وسجنوهم وشردوهم .
* آثار الاستبداد
أولا: مسخ هوية الإنسان ووجوده:
فالاستبداد يستهدف مسخ هوية الإنسان والقضاء على وجوده المعنوي لأنه نقيض للحرية، والحرية هي هوية الإنسان وحقيقة خلقه وفلسفة امتحانه وابتلائه. فالمستبد يهدف إلى تحويل رعيته إلى قطيع من الأغنام لا دور لهم أذلاء، بحيث يهدم إنسانية الإنسان ويقضي على احترامه وتقديره الذاتي. ترى حنة ارندت: ان الحركات الاستبدادية تضم إليها أفرادا معزولين ومبعثرين وتتميز بأنها تشترط الولاء المطلق واللامحدود وغير المتبدل للفرد إزاء حركته، إن ولاء كهذا لا يمكن توقعه إلا من كائن بشري معزول بالكامل كائن مجرد من روابطه الاجتماعية التي تصله بعائلته وأصدقائه فرد لا يستشعر نفعه إلا من خلال انتمائه إلى الحركة الاستبدادية، أي تفريغ الإنسان من كل محتوى إنساني حي بحيث يفقد استقلاله ووجوده لصالح الانتماء إلى النظام الاستبدادي. فالاستبداد يعزل الإنسان عن وجوده الخاص ووجودات الآخرين ويضعه في صحراء مقفرة شاعراً بالتقفر الذي يعني هنا الوحشة التي يستشعرها الإنسان الذي اقتلعه النظام الاستبدادي وحرمه من مجال وجوده وحركته وفعله. فالاستبداد يمارس على الناس سلطة العبيد وينحى إلى تدمير مجال الحياة العامة عازلا إياهم عن أي نشاط بل ويقضي على الحياة الخاصة على أساس التقفر والعزلة التامة وعدم الانتماء الأقصى والمطلق إلى العالم، ولاشك فإن هذا أشد اختبارات الإنسان؛ إذ يعني من جملة ما يعني اقتلاعه جذرياً. وأن يكون المرء مقتلعا يعني ألا يكون لديه مكان في العالم مكان يقر له الجميع به ويضمنونه، وهذا يقود نحو إحساسه بعدم جدواه وانه لم يعد يمت لهذا العالم بأي صلة انتماء، وهذا هو الاقتلاع الوجودي للإنسان في ظل الاستبداد.. فالوجود في النظام الاستبدادي هو وجود المستبد فقط والآخرون هم وجودات هامشية لاتملك حق التفكير والمناقشة.
ثانيا: تدمير الأخلاق والفضيلة:
وإذا مسخ الإنسان وجرد من هويته فانه يتجرد من كل شيء ويفقد تلك الأخلاقيات التي تميزه كإنسان فاضل كريم، وهذا ما يهدف إليه الاستبداد؛ أي تجريد الناس من الأخلاق لاستغلال ضعف النفوس لصالح تقوية أركانه ونظامه. ولهذا يجتذب النظام الاستبدادي الأفراد الذين تنعدم فيهم الأخلاقيات الاجتماعية، فالاستبداد يقود حملات تطهير ضد كل روابط الفرد الاجتماعية والعائلية بأن يخلق من الناس مجموعة وشاة ومنافقين حيث يحاول كل فرد أن يجمع الأدلة ضد الآخرين لتقريب نفسه إلى السلطة وأنه جدير بالثقة بحيث يصبح تقدير الفرد بعدد الوشايات عن رفاق أقربين له. وما أن يقتل الشخص الأخلاقي حتى يتحول الناس إلى جثث حية فلا يبقى من البشر شيء سوى دمى مريعة ذات أوجه بشرية.
إن الاستبداد يساعد كثيراً على نمو الرذائل وقتل الفضائل لأنه يرفض الرأي الآخر والنصيحة والنقد ويقرب المتملقين والمنافقين مما يساعد على نمو هذه الرذائل باعتبارها وسيلة إلى الأمن والقرب من السلطات، ألم يقل عبد الملك بن مروان: والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه.
الخميس 3 أكتوبر 2024 - 18:09 من طرف رياك نعيم أمين
» الزمن القديم باقات العربسات القديم صدام كسرت غربا
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 10:08 من طرف رياك نعيم أمين
» أقمار يوتل سات على الغرب
الإثنين 22 أبريل 2024 - 19:16 من طرف رياك نعيم أمين
» دي خشت بعد أحتلال بغداد بداية الفرنسية على الغرب أتلانتيك بي
الخميس 14 مارس 2024 - 23:19 من طرف رياك نعيم أمين
» مستعدين لدي مليون بث أيقاف من العصر هلها فيها مازال
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 21:24 من طرف رياك نعيم أمين
» دورة إدارة الحملات الإعلامية الفعالة أثناء الأزمات
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 17:40 من طرف نورهان ميتك
» دورة مهارات الكتابة والتدقيق اللغوي القانوني
الأحد 12 نوفمبر 2023 - 10:50 من طرف نورهان ميتك
» دورة السلامة والصحة المهنية في المشروعات الهندسية 2024
الخميس 9 نوفمبر 2023 - 13:57 من طرف نورهان ميتك
» دورة التصفية المحاسبية للمنتجات التمويلية للبنوك التجارية
الخميس 9 نوفمبر 2023 - 13:45 من طرف نورهان ميتك
» شوفي دي ???? ???? ????
الأربعاء 8 نوفمبر 2023 - 11:26 من طرف رياك نعيم أمين
» زمان زمان nilesat iraq waأيام الريسيفرات اللي تشيلها بالقوه
الإثنين 11 سبتمبر 2023 - 17:12 من طرف رياك نعيم أمين
» eutelsat b france
الأربعاء 6 سبتمبر 2023 - 17:58 من طرف رياك نعيم أمين
» دورات المحاسبة المالية و الحكومية | Financial accounting and
الأحد 11 يونيو 2023 - 14:08 من طرف نورهان ميتك
» دورات المراجعة والتدقيق Audit courses
الأحد 11 يونيو 2023 - 14:01 من طرف نورهان ميتك
» لماذا واي الجزائر على عربسات ماللذي تغير قرون وسنين
الأربعاء 24 مايو 2023 - 13:55 من طرف رياك نعيم أمين
» استخدام شبكة الانترنت في إدارة المشاريع الهندسية
الأحد 15 يناير 2023 - 17:08 من طرف نورهان ميتك
» أهلا ياجماعة جزائر طولتوا الموافقه نحنو أليت تيم 7
الإثنين 12 ديسمبر 2022 - 14:50 من طرف رياك نعيم أمين
» دورة الجودة في خدمة العملاء – ايزو 10002 لعام 2020
الأحد 5 يوليو 2020 - 17:32 من طرف مركز تدريب جلف
» دورة الايزو 17025 ونظم اتحاد المعامل ISO 17025 لعام 2020
الأحد 5 يوليو 2020 - 17:30 من طرف مركز تدريب جلف
» دورة نظام تقييم الأداء المتوازن لعام 2020
الأحد 5 يوليو 2020 - 16:38 من طرف مركز تدريب جلف