كتب محمد مصطفى علوش (بيروت) : بتاريخ 14 - 9 - 2007
برز الوجود السلفي في لبنان عام 1982م أي مع بداية الاجتياح الإسرائيلي
للبنان الذي تشرذم فيه لبنان على كافة الصعد الاجتماعية والسياسية، وقد
كان العام 1982 بداية التراجع لنفوذ أهل السنة في لبنان، مع الغبش الذي لف
مصير لبنان وهويته مع تعالي الأصوات الداعية إلى تغريب لبنان، وإلحاقه
بالمشروع الغربي، وحتى الإسرائيلي الذي قدم مع آل جميل آنذاك.
وإذا
استثنينا بعض العمل الإسلامي في مدينة طرابلس قلعة السنة في لبنان فإن
العمل الإسلامي كان شبه معدوم، ويُرجِع مؤسس التيار السلفي في لبنان الشيخ
داعي الإسلام الشهال الوجود السلفي إلى ما قبل عام 1982 وتحديداً لعام
1977م كان أول نشوء سلفي منظم، إلاّ أنه كان غير معلن، "وإن أول بيان صدر
باسم (نواة الجيش الإسلامي) كان سنة 1974، أمّا ظهوره للعلن فقد كان في
عام 1983م أثناء معركة "أبو عمار" التي كان أحد أطرافها الرئيس الفلسطيني
الراحل ياسر عرفات".
ويرجع الشيخ الشهال سبب نشأة الجيش الإسلامي إلى
رغبة من يعتنقون الفكر السلفي في "تقوية شوكة أهل السنة بشكل عام، ومواجهة
هجمة الفساد الخلقي التي ظهرت بوضوح آنذاك بسبب الأحداث، ومواجهة الأحزاب
من شيوعية ونُصيريّة، أي القوى غير الإسلامية المعادية للعمل الإسلامي في
طرابلس" التي ظهرت وبقوة عام 1982 في لبنان، لا سيما في طرابلس التي كانت
الخزان الحقيقي الممول مادياً وبشرياً للجبهات التي كانت مفتوحة في وجه
العدو الإسرائيلي وعملائه كـ(جيش لحد) في صيدا، وسائر مناطق الجنوب، فضلاً
عن دعم الحركات التي وقفت في وجه الوجود الإسرئيلي في بيروت.
بعد عام
1985م تمدد الفكر السلفي المنظم إلى العاصمة بيروت وجوارها وتحديداً إقليم
الخروب، ومدينة صيدا، تحت مسمى "الجماعة والدعوة السلفية" المتولد من
"نواة الجيش الإسلامي". وكان أحد الأسباب هذا التوجه نحو العاصمة وجوارها
هو دخول الجيش السوري في أيلول 1985 م، وكانت بداية دخول الجيش السوري
لمدينة طرابلس، وتعرّض أحد كبار مؤسسي الفكر السلفي في طرابلس "الشيخ
أسامة القصاص" لاعتداء على يد جماعة الأحباش بحسب ما يتهمهم السلفيون؛
وذلك لعدائهم الشديد وتنافسهم مع الفكر السلفي في لبنان.
واستمر العمل
على هذا الحال تناغماً مع الوضع السياسي في لبنان حتى عام 1989م؛ أي قبيل
مؤتمر الوفاق الوطني بعام واحد 1988م؛ إذ لوحظ أن القيادات اللبنانية
المتناحرة تتجه نحو حل ما للأزمة اللبنانية، وانسجاماً مع المتغيرات
الجديدة فقد تم تغيير اسم الجمعية لاسم جديد هو (جمعية الهداية والإحسان)،
ورُخص لها سنة 1989م، وقد حاولت أن يتخطى عملها العمل التنظيمي العسكري
ليطال مجالات اجتماعية وتربوية ودعوية وخدماتية تمثل بـ" كفالة الأيتام،
والدعوة، والمنشورات، والمساجد"، تبعه بناء عدة معاهد للجمعية بلغت خمسة
معاهد عام 1991، وكذلك افتتاح إذاعة طالت معظم الأراضي اللبنانية، وغطت
جزءاً من الساحل السوري والمصري والتركي، إلاّ أنه تم حل الجمعية عام
1996م برغبة مباشرة من الوصاية السورية في لبنان، وذلك على خلفية طبع
وتوزيع الجمعية في مدينة طرابلس كُتيّباً يتناول الفرق والمذاهب الباطنية
في التاريخ الإسلامي، وقد تطرق الكتيّب للفرقة العلوية الحاكمة في سوريا،
واصفاً إياها بالفرقة الضالّة الكافرة.
يُعدّ هذا التاريخ محطة فاصلة
في انشطار العمل السلفي الهرمي؛ إذ إنه عقب حل الجمعية ظهرت بدلاً منها
جمعيات ووقفيات عديدة أسسها تلامذة الشيخ الشهال، فقد انقلب كثير منهم على
فكر الشيخ، وانقلب تلامذة التلاميذ على أساتذتهم، وراح الكل ينافس الكل
على كسب الشارع الإسلامي، وما عزز هذا التحول هو كثرة الجمعيات والهيئات
والشخصيات الخليجية الممولة مالياً وعقدياً لهذه الوقفيات والجمعيات
السلفية.
وتُعدّ "جمعية الهداية والإحسان" الجامع الأساسي للسلفيين في
لبنان بحسب ما يقول مؤسسها الشيخ داعي خلال حوار لنا سابق معه بقوله: "هي
الأم لما نشأ من جمعيات سلفية تُعنى بأهل السنة والجماعة، وكانت الجمعية
هي الأكثر انتشاراً جغرافياً ودعوياً في الأراضي اللبنانية. وفي طرابلس
خصوصاً حيث الثقل السني في لبنان، و لم يوجد غيرها من جمعيات لها أنشطة".
هذا التحول في تركيبة التنظيم السلفي في لبنان من تنظيم هرمي بقيادة واحدة
إلى تنظيمات وجمعيات لها أفكارها ومناهجها ومصادر تمويلها أدّى فيما بعد
إلى انحراف بعض هذا الفكر من فكر أساسه إعادة المسلمين إلى الأصول الأولى
للدين بالتربية والدعوة إلى فكر يعتمد العنف في فرض أيديولوجيات راديكالية
تمثلت بـ"أحداث الضنية" أواخر عام 1999م وبداية عام 2000 حيث كان أول
احتكاك عسكري بين عناصر من حملة الفكر السلفي الجهادي والجيش اللبناني راح
ضحيتها العشرات من القتلى بين الطرفين.
و على الرغم من عودة "جمعية
الهداية والإحسان" للعمل من جديد بعد أن حكم مجلس شورى الدولة لصالحها
باستئناف عملها من جديد عقب الخروج السوري من لبنان، فإن العمل السلفي
يبدو أنه شط عن طريقه واستعصى على الانضباط، فما أحداث مخيم نهر البارد
المتورط فيها عدد كبير من اللبنانيين من حملة الفكر السلفي، وما الاتهامات
التي وُجّهت لكوادر من مؤسسي "اللقاء الإسلامي المستقل" -الذي غالبية
مؤسسيه من السلفيين- إلاّ مؤشر و بُعد آخر.
إن الوضع السلفي في لبنان
بحاجة إلى إعادة تقويم سواء من العلماء السلفيين المعتدلين أو من قبل
الحكومة وأجهزتها الأمنية في كيفية التعامل مع هذا الفكر وحملته، وإلاّ
سنشهد ولادة جديدة لـ(فتح الإسلام)، و ربما لا تكون في (جرود الضنية) أو
مخيم (نهر البارد)، وإنما في أماكن كثيرة من لبنان
المصدر: الإسلام اليوم __________________
http://www.phroon.com/up/file2/g19%5B1%5D961.gif
www.alboraq.info
www.alaqsa-online.com
اللهم صل على محمدا وعلى آله وصحبه و سلم تسليما كثيرا
برز الوجود السلفي في لبنان عام 1982م أي مع بداية الاجتياح الإسرائيلي
للبنان الذي تشرذم فيه لبنان على كافة الصعد الاجتماعية والسياسية، وقد
كان العام 1982 بداية التراجع لنفوذ أهل السنة في لبنان، مع الغبش الذي لف
مصير لبنان وهويته مع تعالي الأصوات الداعية إلى تغريب لبنان، وإلحاقه
بالمشروع الغربي، وحتى الإسرائيلي الذي قدم مع آل جميل آنذاك.
وإذا
استثنينا بعض العمل الإسلامي في مدينة طرابلس قلعة السنة في لبنان فإن
العمل الإسلامي كان شبه معدوم، ويُرجِع مؤسس التيار السلفي في لبنان الشيخ
داعي الإسلام الشهال الوجود السلفي إلى ما قبل عام 1982 وتحديداً لعام
1977م كان أول نشوء سلفي منظم، إلاّ أنه كان غير معلن، "وإن أول بيان صدر
باسم (نواة الجيش الإسلامي) كان سنة 1974، أمّا ظهوره للعلن فقد كان في
عام 1983م أثناء معركة "أبو عمار" التي كان أحد أطرافها الرئيس الفلسطيني
الراحل ياسر عرفات".
ويرجع الشيخ الشهال سبب نشأة الجيش الإسلامي إلى
رغبة من يعتنقون الفكر السلفي في "تقوية شوكة أهل السنة بشكل عام، ومواجهة
هجمة الفساد الخلقي التي ظهرت بوضوح آنذاك بسبب الأحداث، ومواجهة الأحزاب
من شيوعية ونُصيريّة، أي القوى غير الإسلامية المعادية للعمل الإسلامي في
طرابلس" التي ظهرت وبقوة عام 1982 في لبنان، لا سيما في طرابلس التي كانت
الخزان الحقيقي الممول مادياً وبشرياً للجبهات التي كانت مفتوحة في وجه
العدو الإسرائيلي وعملائه كـ(جيش لحد) في صيدا، وسائر مناطق الجنوب، فضلاً
عن دعم الحركات التي وقفت في وجه الوجود الإسرئيلي في بيروت.
بعد عام
1985م تمدد الفكر السلفي المنظم إلى العاصمة بيروت وجوارها وتحديداً إقليم
الخروب، ومدينة صيدا، تحت مسمى "الجماعة والدعوة السلفية" المتولد من
"نواة الجيش الإسلامي". وكان أحد الأسباب هذا التوجه نحو العاصمة وجوارها
هو دخول الجيش السوري في أيلول 1985 م، وكانت بداية دخول الجيش السوري
لمدينة طرابلس، وتعرّض أحد كبار مؤسسي الفكر السلفي في طرابلس "الشيخ
أسامة القصاص" لاعتداء على يد جماعة الأحباش بحسب ما يتهمهم السلفيون؛
وذلك لعدائهم الشديد وتنافسهم مع الفكر السلفي في لبنان.
واستمر العمل
على هذا الحال تناغماً مع الوضع السياسي في لبنان حتى عام 1989م؛ أي قبيل
مؤتمر الوفاق الوطني بعام واحد 1988م؛ إذ لوحظ أن القيادات اللبنانية
المتناحرة تتجه نحو حل ما للأزمة اللبنانية، وانسجاماً مع المتغيرات
الجديدة فقد تم تغيير اسم الجمعية لاسم جديد هو (جمعية الهداية والإحسان)،
ورُخص لها سنة 1989م، وقد حاولت أن يتخطى عملها العمل التنظيمي العسكري
ليطال مجالات اجتماعية وتربوية ودعوية وخدماتية تمثل بـ" كفالة الأيتام،
والدعوة، والمنشورات، والمساجد"، تبعه بناء عدة معاهد للجمعية بلغت خمسة
معاهد عام 1991، وكذلك افتتاح إذاعة طالت معظم الأراضي اللبنانية، وغطت
جزءاً من الساحل السوري والمصري والتركي، إلاّ أنه تم حل الجمعية عام
1996م برغبة مباشرة من الوصاية السورية في لبنان، وذلك على خلفية طبع
وتوزيع الجمعية في مدينة طرابلس كُتيّباً يتناول الفرق والمذاهب الباطنية
في التاريخ الإسلامي، وقد تطرق الكتيّب للفرقة العلوية الحاكمة في سوريا،
واصفاً إياها بالفرقة الضالّة الكافرة.
يُعدّ هذا التاريخ محطة فاصلة
في انشطار العمل السلفي الهرمي؛ إذ إنه عقب حل الجمعية ظهرت بدلاً منها
جمعيات ووقفيات عديدة أسسها تلامذة الشيخ الشهال، فقد انقلب كثير منهم على
فكر الشيخ، وانقلب تلامذة التلاميذ على أساتذتهم، وراح الكل ينافس الكل
على كسب الشارع الإسلامي، وما عزز هذا التحول هو كثرة الجمعيات والهيئات
والشخصيات الخليجية الممولة مالياً وعقدياً لهذه الوقفيات والجمعيات
السلفية.
وتُعدّ "جمعية الهداية والإحسان" الجامع الأساسي للسلفيين في
لبنان بحسب ما يقول مؤسسها الشيخ داعي خلال حوار لنا سابق معه بقوله: "هي
الأم لما نشأ من جمعيات سلفية تُعنى بأهل السنة والجماعة، وكانت الجمعية
هي الأكثر انتشاراً جغرافياً ودعوياً في الأراضي اللبنانية. وفي طرابلس
خصوصاً حيث الثقل السني في لبنان، و لم يوجد غيرها من جمعيات لها أنشطة".
هذا التحول في تركيبة التنظيم السلفي في لبنان من تنظيم هرمي بقيادة واحدة
إلى تنظيمات وجمعيات لها أفكارها ومناهجها ومصادر تمويلها أدّى فيما بعد
إلى انحراف بعض هذا الفكر من فكر أساسه إعادة المسلمين إلى الأصول الأولى
للدين بالتربية والدعوة إلى فكر يعتمد العنف في فرض أيديولوجيات راديكالية
تمثلت بـ"أحداث الضنية" أواخر عام 1999م وبداية عام 2000 حيث كان أول
احتكاك عسكري بين عناصر من حملة الفكر السلفي الجهادي والجيش اللبناني راح
ضحيتها العشرات من القتلى بين الطرفين.
و على الرغم من عودة "جمعية
الهداية والإحسان" للعمل من جديد بعد أن حكم مجلس شورى الدولة لصالحها
باستئناف عملها من جديد عقب الخروج السوري من لبنان، فإن العمل السلفي
يبدو أنه شط عن طريقه واستعصى على الانضباط، فما أحداث مخيم نهر البارد
المتورط فيها عدد كبير من اللبنانيين من حملة الفكر السلفي، وما الاتهامات
التي وُجّهت لكوادر من مؤسسي "اللقاء الإسلامي المستقل" -الذي غالبية
مؤسسيه من السلفيين- إلاّ مؤشر و بُعد آخر.
إن الوضع السلفي في لبنان
بحاجة إلى إعادة تقويم سواء من العلماء السلفيين المعتدلين أو من قبل
الحكومة وأجهزتها الأمنية في كيفية التعامل مع هذا الفكر وحملته، وإلاّ
سنشهد ولادة جديدة لـ(فتح الإسلام)، و ربما لا تكون في (جرود الضنية) أو
مخيم (نهر البارد)، وإنما في أماكن كثيرة من لبنان
المصدر: الإسلام اليوم __________________
http://www.phroon.com/up/file2/g19%5B1%5D961.gif
www.alboraq.info
www.alaqsa-online.com
اللهم صل على محمدا وعلى آله وصحبه و سلم تسليما كثيرا
الخميس 3 أكتوبر 2024 - 18:09 من طرف رياك نعيم أمين
» الزمن القديم باقات العربسات القديم صدام كسرت غربا
الثلاثاء 27 أغسطس 2024 - 10:08 من طرف رياك نعيم أمين
» أقمار يوتل سات على الغرب
الإثنين 22 أبريل 2024 - 19:16 من طرف رياك نعيم أمين
» دي خشت بعد أحتلال بغداد بداية الفرنسية على الغرب أتلانتيك بي
الخميس 14 مارس 2024 - 23:19 من طرف رياك نعيم أمين
» مستعدين لدي مليون بث أيقاف من العصر هلها فيها مازال
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 21:24 من طرف رياك نعيم أمين
» دورة إدارة الحملات الإعلامية الفعالة أثناء الأزمات
الثلاثاء 23 يناير 2024 - 17:40 من طرف نورهان ميتك
» دورة مهارات الكتابة والتدقيق اللغوي القانوني
الأحد 12 نوفمبر 2023 - 10:50 من طرف نورهان ميتك
» دورة السلامة والصحة المهنية في المشروعات الهندسية 2024
الخميس 9 نوفمبر 2023 - 13:57 من طرف نورهان ميتك
» دورة التصفية المحاسبية للمنتجات التمويلية للبنوك التجارية
الخميس 9 نوفمبر 2023 - 13:45 من طرف نورهان ميتك
» شوفي دي ???? ???? ????
الأربعاء 8 نوفمبر 2023 - 11:26 من طرف رياك نعيم أمين
» زمان زمان nilesat iraq waأيام الريسيفرات اللي تشيلها بالقوه
الإثنين 11 سبتمبر 2023 - 17:12 من طرف رياك نعيم أمين
» eutelsat b france
الأربعاء 6 سبتمبر 2023 - 17:58 من طرف رياك نعيم أمين
» دورات المحاسبة المالية و الحكومية | Financial accounting and
الأحد 11 يونيو 2023 - 14:08 من طرف نورهان ميتك
» دورات المراجعة والتدقيق Audit courses
الأحد 11 يونيو 2023 - 14:01 من طرف نورهان ميتك
» لماذا واي الجزائر على عربسات ماللذي تغير قرون وسنين
الأربعاء 24 مايو 2023 - 13:55 من طرف رياك نعيم أمين
» استخدام شبكة الانترنت في إدارة المشاريع الهندسية
الأحد 15 يناير 2023 - 17:08 من طرف نورهان ميتك
» أهلا ياجماعة جزائر طولتوا الموافقه نحنو أليت تيم 7
الإثنين 12 ديسمبر 2022 - 14:50 من طرف رياك نعيم أمين
» دورة الجودة في خدمة العملاء – ايزو 10002 لعام 2020
الأحد 5 يوليو 2020 - 17:32 من طرف مركز تدريب جلف
» دورة الايزو 17025 ونظم اتحاد المعامل ISO 17025 لعام 2020
الأحد 5 يوليو 2020 - 17:30 من طرف مركز تدريب جلف
» دورة نظام تقييم الأداء المتوازن لعام 2020
الأحد 5 يوليو 2020 - 16:38 من طرف مركز تدريب جلف