من أحلى ما قال إبن زيدون

أبن زيدون حينما باعدت حبيبته و أعرضت عنه فإستجداها مطالباً :

باعَدْتِ، بالإعرَاضِ، غيرَ مُباعِدِ، و زهدتِ فيمَنْ ليسَ فيكِ بزاهدِ

وَسَقَيْتِني، من ماء هَجْرِكِ، ما لَهُ أصْبَحْتُ أشْرَقِ بالزُّلالِ البَارِدِ

هَلاّ جَعَلتِ، فدَتْكِ نَفسي، غاية ً للعتْبِ، أبلغُها بجهدِ الجاهدِ

لا تُفْسِدَنْ، ما قَدْ تأكّدَ بَينَا من صالحٍ، خطراتُ ظنٍّ فاسدِ

حاشاكِ من تضييعِ ألفِ وسيلة ٍ، شجيَ العدوُّ لهَا، بذنبٍ واحدِ

إنْ أجْنِهِ خَطَأً، فقد عاقَبتِني، ظُلماً، بأبْلَغَ مِنْ عِقابِ العَامِدِ

عُودي لِما أصْفَيْتِنِيهِ مِنَ الهَوَى بدءاً، فلستُ لِما كرهتِ بعائدِ

وضعي قناعَ السّخطِ عن وجهِ الرّضَا كيْما أخرّ إليهِ أوّلَ ساجدِ



و كانت له هذه التي رضي بالقليل القليل التي كانت تمنحه أياه محبوته و رضي أن ينمو الحب رغم الحذر :

سأقنعُ منكِ بلحظِ البصرْ، وأرضَى بتسليمكِ المختصرْ

وَلا أتَخَطّى التِمَاسَ المُنى ، وَلا أتَعَدّى اخْتِلاسَ النّظَرْ

أصونكِ من لحظاتِ الظّنونِ، وأعليكِ عن خطراتِ الفكرْ

وأحذرُ منْ لحظاتِ الرّقيبِ، وقدْ يستدامُ الهوى بالحذرْ


إن للحب دهاليز و أفكار لا يمكن أن يبتدعها إلا العاشق ذاته :

أهْدي إليّ بَقِيّة َ المِسْوَاكِ، لا تظهرِي بخلاً بعودِ أراكِ
فَلَعَلّ نَفْسِي، أنْ يُنَفَّسَ ساعَة ً عَنْهَا، بِتَقْبِيلِ المُقَبِّلِ فَاكِ
يا كوكباً، بارَى سناه سناءه، تزهى القصورُ بهِ على الأفلاكِ
قرّتْ وفازَتْ، بالخطيرِ من المُنى ، عينٌ تقلِّبُ لحظَها، فترَاكِ

و قال مقتنعاً :


لئنْ فاتَني منكِ حظُّ النّظرْ، لأكْتَفِيَنْ بِسَماعِ الخَبَرْ

وَإنْ عَرَضَتْ غَفْلَة ٌ للرّقيبِ، فحسبيَ تسليمة ٌ تختصرْ

أُحَاذِرُ أنْ تَتَظَنّى الوُشَاة ُ، وقدْ يستدامُ الهوى بالحذرْ

وَأصْبِرُ مُسْتَيْقِناً أنّهُ سيحظَى ، بنيلِ المُنى ، من صبرْ ..